"شهرزاد كورية" للكاتبة التونسية ايناس العباسي
بيروت
– الرأي: عن الدار العربية للعلوم ناشرون ببيروت، صدر مؤخرا كتاب جديد
للشاعرة والكاتبة التونسية إيناس العباسي، بعنوان "حكايات شهرزاد الكورية"
وهو كتاب نقلت فيه صورا وقصصا عن الحياة والثقافة والناس في
كوريا....مسافرة في التاريخ والمكان والعادات والتقاليد من خلال تجربة ستة
أشهر التي قضتها في سيول وزارت فيها مدنا أخرى في كوريا الجنوبية....
يقع الكتاب في 136 صفحة من الحجم المتوسط ويتكون من فصول عديدة
ومتنوعة المواضيع ...الفصول حملت عناوينا مثل : أسطورة خلق كوريا، حمى
الرحيل، الوصول ودائرية التاريخ، مدينة اسمها سيول، كنائس وموتيلات،
بوابات وأسواق، شهرزاد تسافر مع ابن بطوطة، اللغة جزيرة للعزلة، الهان
شريان سيول، أشياء لا بد من ذكرها، ثقافة السوجو، جايجو جزيرة الأحلام
الكورية، كوانكجو مدينة دمها أسود، العادات والتقاليد....الخ...
كما تضمن الكتاب جملة من الصور المتماشية مع المواضيع وثلاثة حوارات
مطولة: مع أشهر روائي كوري جنوبي "هوانك سوك يونغ" الذي تم ترشيحه عدة
مرات لجائزة نوبل وحوار مع إحدى "الهولماني" إحدى السيدات اللاتي تعرضن
لوحشية الاستعمار الياباني في بدايات القرن الماضي بالإضافة إلى حوار مع
"كيم يونغ إيل" أحد الهاربين من كوريا الشمالية إلى كوريا الجنوبية في
التسعينات...
من أجواء الكتاب:
"كوريا المرسومة في الخرائط القديمة على شكل نمر، عصفت بها ريح عاتية
فقسمتها إلى قسمين وحولتها إلى تنين برأسين... جوهرتها وسيدة مُدنها:
سيول.. المندفعة، السريعة، المتلألئة، المبتلة بالأمطار الآسيوية الثقيلة
والمفاجئة...
سيول المزدحمة، النافرة بسرعة غزالة تسابق الريح نحو قمم جبال
عالية... سيدة الأمطار والمظاهرات اليومية والشموع والعشاق الصغار
والقبلات المسروقة خلسة من نظرات الكبار والتنانير القصيرة المحلقة مع
الهواء الآسيوي الحار المضمخ بالمطر... وفي سيول يضيء ياقوت النسيان
العتمة الخفيفة للتساؤل... من غربة لغربة تتكون مناعة من كلمات وضوء وتيه
في الشوارع المتداخلة للمدينة الجديدة... حروف اللغة الكورية، تُثقل العين
بالحيرة لتصبح أليفة مع الوقت... لكنها تظل مجهولة المعاني... مدينة لا
تهدأ فيها "ماكينة" العمل ولا ترتقب أحدا، مكللة بالسرعة وبكل مفاتيح
النجاح التي تقدمها التكنولوجيا... إن لم تركض في سيول فستسحق... وإن لم
تمتلك روح التنافس الكافية للنجاح فستظل في الظل..
سيول تنهض من نومها كل يوم باكرا... وسيداتها العجوزات يمضين في
طرقاتها عاملات بأظهر محنية ووجوه غطتها تجاعيد السنين والتعب، ينظفن
الشوارع منحنيات بسرعة وخفة، أحاول من شباك السيارة المسرعة التقاط صورة
لسيدة عجوز، يا الله ستينية وربما قاربت السبعين، كانت تعبر الطريق جارة
عربة يدوية مثقلة بأشياء حديدية...كان هذا صادما. مرافقتنا الكورية "شين
يونغ" أجابت ببساطة على تعليقاتنا المصدومة والمتسائلة بأن هذا هو عملها
إن لم تقم به فلن تجد شيئا لتعيش منه."