شمس الحرية ادارة المنتدى
العمر : 38 عدد المساهمات : 390 الجنس : تاريخ الميلاد : 13/03/1986
| موضوع: رد: "موسم المسوخ": رؤية فوضوية مخيفة للعالم الإثنين أغسطس 03, 2009 11:33 am | |
| اللعبة الكبرى
فيلم "موسم المسوخ" يستخدم مخرجه شكل اللعبة لاستدراجنا إلى عالمه حيث يطرح تساؤلاته العميقة المقلقة حول حقيقة الوجود الإنساني، مغزاه طبيعته، حقيقة الحياة ومغزى الموت، والبحث الإنساني الشاق عن المعرفة والحقيقة، ورؤية يانتشو هنا رؤية فوضوية مخيفة للعالم تلخص رحلته في هذا الاتجاه، بدأها في أفلامه الأولى. يانتشو لا يرى أملا كبيرا في النجاة، وهو يلخص في فيلمه رؤيته الخاصة عن الصراع الانساني ولكن باستخدام المجردات. إنه يستخدم أولا العناصر الثلاثة الرئيسية في الحياة (طبقا للنظرية القديمة) أي النار والماء والتربة. ويركز الكاميرا على كل عنصر من هذه العناصر ويستخدمه في تشكيلات سيريالية لكي يصور علاقته بالانسان أو علاقة الإنسان به، في إطار تلك اللعبة الغريبة التي يصورها ويلخص من خلالها فكرة الصراع. الماء في البحيرة يخفي، كما تعتقد المجموعة، مسخا أو وحشا هائلا ينفث سمومه وأحقاده على العالم. والنار تشتعل من مكان إلى آخر بدون سبب، وتنطفيء من تلقاء نفسها لكي تشتعل في مكان آخر وهكذا. والساحر (أو رجل الاستعراض) يشير بإصبعه إلى مكان ما فتشتعل فيه النيران على الفور. والتربة أو الرمال، تستخدم لحفر القبور ودفن الموتى. وتغطيتهم بالعشب والتراب ثم تشتعل النار في الكومة الهائلة التي تغطي الجثث. وبعد ذلك يظهر من يحيي الموتى.
الفيلم والأسطورة يتضمن الفيلم نقدا لاذعا للأساطير القديمة وأوهام "الميثولوجيا" المختلفة حول أصل الحياة، ويتهمها بالسخف، ويتخذها مادة للعبة ساخرة يمارسها الجميع. هناك أيضا فكرة يهوذا المعاصر الشرير، وفكرة البعث بعد الموت، وفكرة الكارثة النهائية التي تقضي على العالم أي فكرة نهاية العالم. وهناك أسطورة المسخ المجهول في أعماق البحيرة، التي يرد عليها يانتشو باظهار أن المسوخ الحقيقية موجودة داخل النفوس البشرية. وفي الفيلم جرعة عالية من التمرد على فكرة الثورة وادارة المجموع التي يسخر منها يانشو بوضوح، وهو يصورالمجموع وهو يعاني من فراغ روحي كبير. ويكشف أن الإنسان يخضع للكثير من المعتقدات البالية الموروثة خضوعا آليا، ويصور كيف أن العالم يقترب من الكارثة دون أن يدرك أحد أنها قريبة، بل يستغرق الجميع في لعبة ممتدة مجنونة لاذاء النفس والغير، غير مبالين بما يرقد تحت السطح من خطر قريب. في أفلامه السابقة كان يانتشو متمردا أصيلا، ولكنه كان يرى دائما بصيصا من الأمل والضوء في نهاية النفق.. في أعماق الصورة القاتمة.. قد يتمثل في شخصية ترشد الآخرين إلى طريق الخلاص. أما في هذا الفيلم فهو يغرق تماما في التشاؤم ويعبر عن رؤية فوضوية مخيفة يبررها بثقة شديدة أيضا. إنه نفس ما سبق أن انتهى إليه المخرج اليوغسلافي المتمرد دوسان ماكافييف في منتصف السبعينيات. ويتفق يانتشو مع المخرج البريطاني ليندساي اندرسون- ذلك الفوضوي العظيم الذي رفع لافتة ضخمة في فيلمه "يالك من رجل محظوظ" تقول "الثورة أفيون المثقفين" ردا على مقولة ماركس الشهيرة. أما على مستوى الأسلوب فقد كان محتما أن يصل يانتشو إلى السيريالية مذهبا، فهي الإطار الطبيعي لرؤيته الفوضوية العنيفة المقلقة. إننا هنا أمام لوحات ضخمة تحتوي على كل العناصر السيريالية المعروفة: النار التي تشتعل في كل مكان ولا نعرف لها مصدرا، بل إنها تشتعل أيضا في الماء، والجثث التي تعود إلى الحياة، والأشخاص الذين يختفون فجأة، والهليكوبتر التي تحلق طوال الوقت في الجو دون أن نعرف ما هي وماذا تريد، وكأنها القدر الخارج عن نطاق الأفراد، والفتيات في ملابسهن البيضاء المثيرة وهن يقدمن عروضا استعراضية قريبة من فن "الايروتيك" دون أن نصل في أي مشهد في الفيلم إلى تصوير الجنس، فاللذة غائبة بعد أن حل محلها الاستعراض والتظاهر من على السطح، والاشباع مفتقد، والرغبة في تدمير الذات أصبحت هي محرك الشخصيات. وتختلط الحقيقة بالخيال في الفيلم، والتكنولوجيا الحديثة بالأساطير القديمة، وتصبح جزءا من اللعبة، تساهم في تحقيق الكارثة أو التعجيل بوقوعها أو التعليق عليها. وفي الفيلم استخدامات واضحة لأجهزة التليفزيون والمراقبة والاستماع.
ما هو التفاؤل؟
في مقابلة معه يدافع يانتشو عن فيلمه ضد من يتهمونه بالتشاؤم فيقول:"إن فيلمي ليس متشائما.. إنه مثل أفلامي الأخرى السابقة. وإذا أخذنا في الاعتبار أن وجودنا يستلزم نوعا من البحث الدائم عن الحلول فإن هذا يعتبر تفاؤلا في حد ذاته. وعلى أي حال ما هو التفاؤل؟ هل هو في الحديث عن الثورة؟ وأين كان التفاؤل في فيلمي "المزمور الأحمر" الذي ترى في نهايته 800 جثة ترقد وقد وقفت الطيور فوقها"؟ "إنني لا أنتمي إلى جيل يعتقد أن الفيلم يجب أن يأتي بنوع من الحلول لحياتنا. وفضلا عن ذلك فإن الوضع العام، الفلسفي والإنساني، مصور في فيلمي. إننا ننكر حقيقة أن مثل هذا النوع من الأفلام قد لا يكون متسقا مع الموضة الشائعة اليوم، طالما أن لا أحد يمكنه أن يدلي باجابات شافية حول الحالة الراهنة للعالم. لقد دأبت المجتمعات الإنسانية على الكذب على مدار التاريخ. وكانت هناك عصور اعتنق فيها الناس الأكاذيب متصورين أنهم عثروا على "حجر الفيلسوف" وأنهم سيصنعون عالما أفضل. ولكن من المؤكد أننا توصلنا إلى اكتشاف أن تلك القناعة بأسرها لم تكن سوى وهم آخر كبير
انتهى الموضوع
| |
|