شمس الحرية ادارة المنتدى
العمر : 38 عدد المساهمات : 390 الجنس : تاريخ الميلاد : 13/03/1986
| موضوع: الكاميرا مثل كلاب الصيد تبحث عن جثث جديدة..!! السبت أغسطس 01, 2009 11:04 am | |
| [size=24]
الكاميرا مثل كلاب الصيد تبحث عن جثث جديدة..!! حسن خضر : في أواخر السبعينيات عُرض على ألبرت حوراني العمل كمستشار أكاديمي لسلسلة برامج متلفزة بعنوان "العرب" تستهدف التعريف بالثقافة العربية. كان التمويل خليجياً، وأدرك حوراني بعد الـموافقة أن القائمين على الـمشروع لـم يكونوا معنيين في الواقع بالثقافة العربية، بل كان يعنيهم نقد الـمجتمع العربي الحديث. وقد دأب مخرجو السلسلة على تصوير مشاهد كثيرة وعرضها عليه، وعندما يقول إنهم أخفقوا في القبض على الـمعنى الـمطلوب في سلسلة كهذه، يرد هؤلاء: "فات الوقت، ولا نملك الـمزيد من الوقت، والـمال، وينبغي الاكتفاء بما توفر حتى الآن". لذا، يقول حوراني: سار كل شيء بطريقة خاطئة. من حسن الحظ، طبعاً، أن حوراني استفاد من الـملاحظات والـمسوّدات الكثيرة التي وضعها آنذاك في كتابة عمله الـموسوعي الكبير "تاريخ الشعوب العربية"، ومن سوء الحظ أن ملاحظاته بشأن التلفزيون لـم تحظ بما تستحق من اهتمام في أوساط الـمثقفين العرب. فلدى العاملين في التلفزيون، كما يقول، ممانعة مهنية لقول الأشياء بالكلـمات، كل الأشياء لديهم مشاهد بصرية. الكلـمات تُكتب على هامش الـمشهد في اللحظة الأخيرة، وهم يطلبون أقل قدر من الكلـمات. وهكذا: "لديك ثلاثون ثانية لشرح الإسلام في خمس وعشرين كلـمة"... "إنني أشعر بنوع من الاحتقار للتلفزيون". هذه شهادة أكاديمي كبير. كلـما فكرت في الأمر أجد نفسي مضطراً للبحث عن أسباب موضوعية تبرر الاحتقار. فمن عاشوا في زمن ثقافة الكتاب يجدون صعوبة خاصة في التأقلـم مع ثقافة الصورة. وهذه مسألة موضوعية تتعلّق بالعمر والذائقة، وبالفرق بين الأجيال. ولعل في احتقار كهذا ما يعيد التذكير بموقف الشعراء الرومانسيين في زمن الثورة الصناعية، عندما تحوّلت الآلة في نظرهم إلى وحش يهدد بابتلاع الكون، وتخريب العلاقة بين الإنسان والطبيعة. هنا، أيضاً، نعثر على عامل العمر والذائقة، وعلى ما يميز جيلاً عن جيل آخر. بيد أن الخوف من الثورة الصناعية، وما رافقها من آلات واكتشافات، لـم يوقف مسيرة التقدم التقني. وأشعار الرومانسيين في الوقت الحاضر لا تسعف، ولا تثير اهتمام، ملايين من الشبّان والشابات الذين يقيمون صلات عابرة للقوميات والحدود، وفي حالات كثيرة، للغات، على شبكة الإنترنت. الاحتقار، بدوره، لن يعرقل سيرورة تحوّل الصورة إلى وسيط بين الإنسان والكون. هل سنفقد الكثير؟ الجواب: نعم، بالتأكيد. ولكننا سنربح الكثير أيضاً. وهذا وذاك من طبائع الأمور. بيير بورديو، عالـم الاجتماع الفرنسي الكبير، اقترح على الـمثقفين عدم الوقوع في غواية التلفزيون. فالجانب الأهم، والكلام لبورديو، أن الجانب الـمهني للتلفزيون يقوم على مبدأ التنافس، وهذا يبرر ضرورة السرعة، واغتنام الفرص للفوز بموضوعات قادرة على جذب اهتمام الـمشاهدين. ولن نعثر على تحليل للآثار بعيدة الـمدى لثقافة الصورة على مجتمعات بني البشر أفضل من مقاربة مارشال ماكلوهان، التي تُختزل، عادة، في عبارة واحدة هي: الواسطة هي الرسالة والرسول. والواسطة، هنا، ليست ما نراه من صور فردية لأحداث فردية، ومن مشاهد مستقلة، بل كل الصور مجتمعة في شيء اسمه الصورة بالـمعنى الحصري والـمجرد للكلـمة. الخلاصة، وما زلنا نتكلّم عن ماكلوهان أن الصورة بهذا الـمعنى تؤدي إلى تبلّد الحس، وتسطيح الـمعرفة. وإذا أضفنا إلى ذلك تقنيات التسويق الـمستمدة من منطق العرض والطلب في السوق، وتسليع الواقع بعد اختزاله وتحويله إلى صورة تمحوها صورة أخرى، وهكذا دواليك، سنجد أنفسنا أمام ما يشبه نهاية التاريخ
| |
|
شمس الحرية ادارة المنتدى
العمر : 38 عدد المساهمات : 390 الجنس : تاريخ الميلاد : 13/03/1986
| موضوع: رد: الكاميرا مثل كلاب الصيد تبحث عن جثث جديدة..!! السبت أغسطس 01, 2009 11:07 am | |
| ومع ذلك، لا نهاية محتملة للتاريخ. فخلاصة كهذه تبدو وكأنها هبة من السماء لكارهي العولـمة، والـمذعورين من انهيار العادات والتقاليد، والخصوصيات الثقافية..الخ والكارهون قد يأتي بعضهم من أقصى اليمين أو أقصى اليسار. كل ما في الأمر أن عالـماً جديداً يتشكّل، وأن الأحياء الآن وهنا لا يدركون، بالضبط، ما الذي سيحدث بعد عقود قليلة، طالـما أن السرعة الحالية للتقدم التقني غير مسبوقة. وغالباً ما تقع أخطاء كثيرة عند محاولة ربط التقدم التقني بفكرة التقدّم، التي كانت هاجس الأيديولوجيات الكبرى التي ورثناها من القرن التاسع عشر، والتي هيمنت على القرن العشرين من أوله إلى آخره. الفترة ما بين الحربين الأولى والثانية تشبه بالـمعنى الأدبي زمناً ذهبيا لليأس. في ذلك الزمن ظهر أورويل، وكوستلر، وهوكسلي. وربما نتمكن بفضلهم (وقد وضعوا فكرة التقدّم تحت ضوء ساطع، وأظهروا اهتماماً نقدياً ساخراً بالتقدّم التقني، خاصة الثاني والثالث) من فهم ما يشبه زمناً ذهبياً جديداً لليأس بطريقة أفضل. في العالـم العربي، إذا شئنا التخصيص، في الزمن الذهبي الجديد لليأس، ثمة أكثر من أخ أكبر يطل من شاشات كبيرة صباح مساء. وثمة جماهير عريضة وغفيرة تؤمن بأن الحرب هي الحب. وهناك، أيضاً، فئات ثلاث من بني البشر، الأولى للحكم، والثانية للشغل، والثالثة للـمنفى والنبذ. وفي الخدمة "مفكرون" يشرحون في ثلاثين ثانية ما هو الإسلام، وما هو السلام، ثم تتغيّر الصورة فتنتقل الكاميرا من غزة إلى دارفور، ومن دارفور إلى أفضل أنواع الشامبو والبخور. بعد الدوام يعود مقدمو البرامج إلى بيوتهم، وينام "الـمفكرون" بعدما ازداد الرصيد في البنك، ويرتاح الـمشايخ والزعماء، وعمّال النظافة، والأرشيف، والكافتيريا..الخ أما الكاميرا فلا تنام بل تجوس الليل والنهار مثل كلاب الصيد بحثاً عن صور وعن جثث جديدة.
| |
|
weka
العمر : 40 عدد المساهمات : 13 الجنس : تاريخ الميلاد : 02/04/1984
| موضوع: رد: الكاميرا مثل كلاب الصيد تبحث عن جثث جديدة..!! السبت أغسطس 22, 2009 4:33 pm | |
| شمس الحرية
الكاميرا اليوم هي عين الانسان
وكل الاحترام لمن حمل الكاميرا وقدم لنا الحقيقة
دمتى شمس | |
|
شمس الحرية ادارة المنتدى
العمر : 38 عدد المساهمات : 390 الجنس : تاريخ الميلاد : 13/03/1986
| موضوع: رد: الكاميرا مثل كلاب الصيد تبحث عن جثث جديدة..!! الأحد أغسطس 23, 2009 4:27 pm | |
|
تحياتى الك ويكا على قراءة المساهمة وايضا اشكر مرورك الكريم وردك للمساهمة دليل انك فهمت عن ماذا يتكلم الكاتب
مشكوررررر كتيرررر
تحياتى الك
شمس الحرية
| |
|